عندنا كتاب اسمه السنكسار وهو يعني مجموعة سيَر القديسين على مدى 365 يومًا.
كما ان الدارسين لتاريخ الكنيسة يطالعون فيه سيرة الآباء العظام مثل باسيليوس ويوحنا الذهبي الفم ونعرف تفاصيل حياتهم بدقة.
ففكرهم غذّى المجامع او تغذّى به. فعلى سبيل المثال لا بدّ من قراءة ما كتبه عن الأيقونة القديس يوحنا الدمشقي حتى تُفهم عقيدة الأيقونة.
الآباء الكبار عندهم الفكر وفيهم قداسة الحياة. ونفحة القداسة هي ايضا في ما كتبوا. ولكن أكثر القديسين لم يكتبوا واهتدينا بطهارتهم.
نستند اذًا على المراجع التاريخية القديمة والتي يعمل عليها العلماء كما يعملون على اي نص تاريخيّ.
والباحثون الجدد قد ينقّحون معلومات عن هذا او ذاك، فيثبت انه وُلد هنا ولم يولد هناك مثلا، أو مات في هذه السنة ولم يمت قبلها. هذه أشياء لا تهمّ التقوى، ونحن نتوخى ان نزداد تقوى عندما نقرأ.
غير ان هناك احيانًا مبالغات في السرد فيقال مثلا ان مار نقولا لم يرضع حليب امه يومي الاربعاء والجمعة. لا يفوت أحدا ان هذا الكلام أتى من رغبة الكاتب ان يُرجع «نسك» القديس إلى أيام رضاعته. فالواضح انها مبالغة شعرية لا ينبغي نقلها على انها حادثة ولكنها كلام مجازي.
هكذا في سير الشهداء، فالحديث مثلا عن القديس جاورجيوس انه أنقذ ابنة الملك من التنين، من المؤكد ان هذا حديث تعليمي، فليس من ابنة ملك وليس من تنين لأن علم الحيوان لا يعرف حيوانًا بهذا الاسم. نحن امام قصة تعليمية مغلفة برموز. ودليل ذلك ان أقدم أيقونات مار جرجس تمثّله بلا حصان ولا تنين.
كذلك هناك مبالغات شديدة في وصف العذابات عند الشهداء، وهذا من رغبة الكاتب ان يظهر قديسه عظيمًا جدًا.
فعلى هذا المنوال تأتي الروايات عن الشهداء متشابهة وعن رؤساء الكهنة متشابهة. تأتي نموذجية كما ان الخدمة الإلهية (غروب وسَحَر) المخصصة لرئيس كهنة او شهيد او بارّ (راهب) في خطوطها العريضة واحدة في كل فئة من القديسين.
كذلك تأتي الأيقونة في كل فئة متقاربة كثيرًا مع الأيقونة الاخرى لكون الأيقونة تعليمية ولا تهتم لتفاصيل الثياب او الوجه.
ان كنت تألف انت التصوير الأرثوذكسي، تعرف توا ان هذا رئيس كهنة او شهيد او بارّ، ويجيئك اسم القديس لتعرف الشخص المرسوم بصورة كاملة.
اذا كنت قادرًا على اقتناء كتاب السنكسار أو كراسا عن القديس نُشر هنا أو هناك فاقرأه قبل ذهابك إلى القداس لتفهم القِطع أو الأناشيد.
والأهم من كل ذلك ان تقتدي بالقديس ما استطعت.
شجاعة الشهداء مثلا تعلّمك ان تعترف بالمسيح قدام الناس تعليما وشهادة.
الأبرار يوحون اليك جدية الجهاد الروحي المرير الذي قاموا به. أنت لا تتشبه بالقديس الراهب في طعامه، وليس عليك متزوجا ان تقمع جسدك كما قمعه. ولكن تبقى الروح الواحدة والمحبة الواحدة.
تقول في نفسك بعد قراءة السنكسار: هكذا يجب ان أصير. ثم تقول: احب أن أصير هكذا في حرية أبناء الله.
المطران جورج خضر
عن موقع
georgeskhodr.org