اثناسيوس الرسولى

مقدمة 
أحد أكثر الشخصيات مهابة وجلالاً وتأثيرًا في كل التاريخ الكنسى وهو بلا شك أروع أساقفة (أو باباوات) الأسكندرية اطلاقًا كما يقول البروفيسور كواستن (J. Quasten).
 وتميز بشجاعة لا تهتز بالترويع، ولم يكن يجفل في مواجهة الخطر أو الشدة ولا يخيفه التهديد ولذلك كان هو البطل الثابت الوفى والمدافع العظيم عن إيمان مجمع نيقية المسكونى (325م) و”عمود الكنيسة” كما سماه القديس غريغوريوس النزينزى (Or 21, 26). 
ويقول عنه المؤرخ المشهور شاف (P. Schaff) [ أثناسيوس هو المحور الذي كانت تدور حوله الكنيسة واللاهوت في العصر النيقاوى… وقد لقب بالـ "الكبير" عن جدارة تأكدت بالاضطهادات والآلام التي تحملها سنينًا طويلة في مقاومة أخطاء شنيعة تحصنت أحيانًا بسلطان الامبراطور... 
وما التعبير المشهور "أثناسيوس وحده صار ضد العالم وصار العالم كله ضده"
 إلاّ تعبير جيد عن جرأته الفريدة الحرة وأمانته التي لا تهتز من جهة ما يؤمن به... كان أثناسيوس بمفرده في وقت من الأوقات ـ وقد حرمه مجمع أساقفة مصدقًا عليه من الامبراطور ـ كان هو وحده الحامل للحق. ولذلك سُمّى فيما بعد "أبو الأرثوذكسية" (الكنيسة اليونانية).
 ودعاه الأسقف ثيئودريت المؤرخ (تنيح 460م) "المنبر الأعظم"، ودعاه يوحنا الدمشقى "حجر الزاوية في كنيسة الله"...] (History of The Christian Church Vol. III p885). أما كنيسة روما فتعده أحد الآباء الأربعة الشرقيين. 
لقد اعتبره الآريوسيون عدوهم الأساسى وحاولوا أن يفعلوا كل شئ ليحطموه. وحاولوا أن يسكتوه واستعانوا بسلطة الامبراطور كما استخدموا الأساقفة الفاسدين. 
أُبعد عن كرسيه خمس مرات وقضى حوالى 20 سنة في المنفى. ولكن كل هذه المعاناة والآلام لم تستطع أن تزعزعه عن ثباته. كان مقتنعًا أنه يكافح لأجل الحق، واستخدم كل وسيلة في متناول يده ليغلب أعداء الإيمان المستقيم، الذين كانوا في أوج قوتهم. 
وتميز القديس أثناسيوس بميزة نادرة في مثل ظروف هذا الكفاح المشتعل ضد الهرطقة، وهى قدرته ـ حتى في وسط نيران المعركة ـ على التسامح والاعتدال مع الذين انحرفوا عن الإيمان بحسن نية.
 فكثيرون من الأساقفة الشرقيين رفضوا اصطلاح هوموأوسيوس ـ أى “المساواة في الجوهر” أو “من نفس الجوهر”، الذي استعمله مجمع نيقية عن الابن، وكان رفضهم عن سوء فهم، فهؤلاء أظهر أثناسيوس نحوهم تعاطفًا واحتملهم لكى يربحهم ويعيدهم إلى الحق. 
 نشأته
وُلد القديس أثناسيوس (ومعنى اسمه “خالد”) حوالى سنة 296م، على الأرجح في الاسكندرية. وحصل هناك على تعليمه المدنى واللاهوتى سواء بدراسته الخاصة أو في مدرسة الأسكندرية. فقرأ للفلاسفة والشعراء اليونانيين ودرس الكتاب المقدس بشغف شديد كما يظهر من كتاباته التي وصلتنا مثل تجسد الكلمة والرسالة ضد الوثنيين وضد الآريوسيين وغيرها. 
+ (تذكر القصة التي أوردها المؤرخ روفينوس (Ruf 1, 14) والمؤرخ سوزمين (Soz, II,17) عن قيام الصبى أثناسيوس بتعميد أولاد وثنيين، ورؤية الكسندروس البطريرك 19 له). 
+ بعد ذلك رسمه البابا الكسندروس (سنة319) دياكونًا (شماس كامل) واتخذه سكرتيرًا له. 
+ ويتضح من بداية كتابه عن “حياة أنطونيوس” أنه كان على علاقة بالرهبان في صعيد مصر في وقت مبكر، ويقول هو نفسه [ لقد رأيت أنطونيوس مرارًا وتعلمت منه لأننى لازمته زمنًا طويلاً وسكبت ماء على يديه ] (حياة أنطونيوس: 1). 
+ سنة 325 وهو شماس، رافق أسقفه البابا الكسندروس (الـ19) إلى مجمع نيقية، حيث لفتت مناقشاته مع الآريوسيين انتباه الجميع (Socr 1,8)، إذ يقول عنه القديس غريغوريوس اللاهوتى: [كان أثناسيوس في نيقية أعظم المرافقين للأساقفة.. مجاهدًا إلى أقصى حد لحصر الكارثة وضغطها في أقل حيز ممكن] (Or. 21). 
 أسقفية القديس أثناسيوس وجهاده 
وبعد ثلاث سنوات عندما تنيح البابا الكسندروس سنة 328 أختير أثناسيوس بإجماع الأساقفة والشعب خلفًا له رغم أنه كان دون السن القانونية بحسب التقليد الكنسى (Apol. C. Arian. 6) وكان الجمهور ينادى ” إنه صالح وقديس وناسك “. 
ولم تكن مهمته الجديدة سهلة فرغم أن الفكر الآريوسى حُكم عليه في مجمع نيقية إلاّ أنه كان لا يزال له مؤيدون في الأسكندرية، يضاف إلى ذلك مقاومة الميليتيين في الصعيد. 
حقبة أسقفية القديس أثناسيوس حتى نياحته 373 هى 45 سنة وتنقسم إلى خمسة فترات: 
1 ـ الفترة الأولى من أسقفية القديس أثناسيوس وجهاده: 328ـ337م 
+ زيارته لكنائس الوجه القبلى حتى وصل أسوان. 
+ ورحب به باخوميوس ورهبانه (حوالى سنة 329) بفرح عظيم. وكانت كل الكنائس بمصر ملتفة حوله. 
+ ورسامة فرمنتيوس أسقفًا على أثيوبيا (وهناك احتمال من الوثائق أن يكون ذلك في سنة 357م). 
+ بدأت المؤامرات ضد أثناسيوس وضد الإيمان المستقيم من الآريوسيين بقيادة يوسابيوس النيقوميدى لتحقيق غرضين:
 (1) قبول آريوس في كنيسة الأسكندرية.
 (2) اسقاط أثناسيوس من كرسيه. 
واستطاعوا أن يقنعوا الامبراطور قسطنطين أن يأمر أثناسيوس بقبول آريوس ولما رفض أثناسيوس تمكن الآريوسيون من عقد مجمع في صور سنة 335 ضده وحكم هذا المجمع بعزله. وأمر الامبراطور بنفيه إلى ترير (حاليًا غرب ألمانيا قرب حدود بلجيكا) وبقى هناك حتى سنة 337 (أى حوالى سنتين)، ثم عاد إلى الأسكندرية في نوفمبر سنة 337 بعد وفاة قسطنطين الكبير، بأمر قسطنطين الصغير امبراطور الغرب. وهكذا انقضى النفى الأول. 
2 ـ الفترة الثانية من 337ـ346: النفى الثانى (339ـ346) 
+ تجدد الاضطرابات إذ قام الآريوسيون بعقد مجمع في إنطاكيا سنة 339 وحكموا بعزل أثناسيوس وعينوا مكانه غريغوريوس الكبادوكى وأدخلوه الأسكندرية بالقوة استنادًا على أمر الامبراطور قسطنطيوس (امبراطور الشرق) بعد والده قسطنطين الكبير. 
+ ذهاب أثناسيوس إلى روما سنة 339 وهناك عقد مجمع برئاسة أسقف روما يوليوس برأ أثناسيوس سنة 341 ثم عقد مجمع في سرديكا (صوفيا) سنة 343 ثبت قرار مجمع روما واعترف بأثناسيوس أنه الأسقف الشرعى الوحيد للأسكندرية. ولكن أثناسيوس لم يتمكن من العودة للأسكندرية إلاّ بعد وفاة الأسقف الدخيل غريغوريوس في سنة 345. ووصل أثناسيوس إلى الأسكندرية في اكتوبر سنة 346. 
3 ـ فترة العقد الذهبى (346ـ356م) 
فترة سلام وازدهار روحى غير عادى يسجله أثناسيوس في كتابه “تاريخ الآريوسية”. 
” تملكت عليهم فرحة لا يعبر عنها … الشعب يحث بعضه بعضًا على الفضيلة “ 
” كم من نساء نذروا أنفسهن عذارى للمسيح بعد أن كن على استعداد للزواج … كم من شباب اعتنقوا حياة الرهبانية … البيوت صارت كنائس تقدم فيها الصلوات باستمرار … الخ “. 
4 ـ فترة النفى الثالث: (356ـ362م) 
هرب إلى الرهبان في الصحراء. وقضى بينهم سنوات. وفي هذه الفترة كتب ” دفاعه إلى الامبراطور قسطنطيوس ” و ” الدفاع عن هروبه “، و ” الرسالة إلى الرهبان ” و ” تاريخ الآريوسيين “. 
بدأت هذه الفترة بهجوم الوالى على كنيسة ثيؤناس أثناء وجود أثناسيوس مع المؤمنين للتسبيح والصلاة فيها. وفرض الأسقف الدخيل جورج الكبادوكى. 
موت قسطنطيوس في 361، والأسقف الدخيل قتل في ديسمبر من سنة 361م. وفي فبراير 362 عاد أثناسيوس إلى كرسيه هو وغيره من الأساقفة المنفيين بأمر الامبراطور يوليانوس. 
5 ـ الفترة من 362ـ366م: 
أ ـ مجمع الأسكندرية: (سنة 362 ـ النفيان الرابع والخامس) 
بعد عودته من المنفى عقد القديس أثناسيوس مجمعًا بالأسكندرية لمعالجة المسائل التي تعطل عودة السلام إلى الكنيسة، وأهم ما اتفق عليه المجمع: 
1 ـ قبول كل الأساقفة الذين سقطوا من شركة الكنيسة، عن طريق الاعتراف بإيمان نيقية، وبأن يعترفوا بأن الروح القدس غير مخلوق وأنه من جوهر واحد مع الآب والابن ضمن الثالوث. 
2 ـ حل الخلاف في فهم معنى الهيبوستاسيس Hypostasis فأشباه الآريوسيين تعودوا أن يقولوا أن هناك 3 “هيبوستاسيس” في الله ولكن الأغلبية كانت لا تزال تفهم بالمعنى القديم أن في الله “هيبوستايس” واحد. فهؤلاء الأخيرين يتهمون أصحاب الـ 3 هيبوستاسيس بالآريوسية وهؤلاء يتهمون أصحاب “الهيبوستاسيس الواحد” بالسابيلية. وحل المجمع هذه المشكلة بقيادة أثناسيوس الحكيمة ـ بأن التعليم واحد والاختلاف في التعبير عن المعنى أى بسبب سوء الفهم للألفاظ وهكذا يمكن أن يستعمل كلا من التعبيرين رغم أنه كان يفضل تعبير الهيبوستاسيس بمعنى الجوهر الواحد. 
وبفضل قيادة أثناسيوس في هذا المجمع أمكن عودة كثيرين من الأساقفة إلى الكنيسة. ولذلك قال القديس إيرونيموس عن هذا المجمع انه ” بمنهجه التصالحى الحكيم انتزع العالم كله من بين فكى الشيطان(Jerome adv. Lucif,20). 
ب ـ الإمبراطور يوليانوس يأمر بطرد أثناسيوس من الأسكندرية (النفى الرابع) فتركها في اكتوبر 362م. وبعد وفاة يوليانوس سنة 363م عاد أثناسيوس في فبراير سنة 364 بأمر الامبراطور جوفيان المسيحى، مدة نفيه الرابع 15 شهرًا. 
ج ـ نفى أثناسيوس للمرة الخامسة بأمر الامبراطور فالنز الآريوسى امبراطور الشرق فخرج أثناسيوس من كنيسة ديونيسيوس في نفس الليلة التي حاول الوالى فيها أن يقبض عليه (5 أكتوبر 365) واختبأ في بيت ريفى كما يقول سوزومين. أما سقراط المؤرخ فيقول إنه اختبأ 4 أشهر في مقبرة أبيه. 
د ـ ثار الشعب في الأسكندرية ثورة شديدة مما جعل الامبراطور يأمر بعودة أثناسيوس في فبراير سنة 366. فذهب الوالى ومعه وفد من المدينة وأحضروا أثناسيوس بإكرام كبير من ضواحى المدينة حتى كنيسة ديونيسيوس. وكان يوم فرح عظيم لكل الشعب. 
6 ـ الفترة السلامية الأخيرة (من 366ـ373). 
في ذلك الوقت كان أثناسيوس في عقد السبعينيات من عمره، فقضى فترة سلام ورعاية أمينة لشعبه. 
وأيضًا في هذه الفترة حدث تبادل الرسائل بين القديس أثناسيوس والقديس باسيليوس (الذي صار أسقفًا في سنة 370 لقيصرية كبادوكية). وحصل باسيليوس على مؤازرة أثناسيوس له في محاربة الآريوسيين في أسيا الصغرى. 
وقد عبر باسيليوس في رسائله إلى أثناسيوس عن شعوره باحترام ومديح بلا حدود نحو أثناسيوس. كما دافع أثناسيوس عن أرثوذكسية باسيليوس في مواجهة المشككين فيها إذ قال عنه إنه “أسقف تتمنى أى كنيسة أن يكون هو أسقفها” (رسالة 63 إلى القس بالاديوس N.P.N. Vol 4. p.570). 
وفي هذه الفترة ـ كما يفترض بعض العلماء ـ كتب أثناسيوس كتابين ضد أخطاء أبوليناريوس ـ دون أن يذكر فيهما اسم أبوليناريوس الذي كان مشتركًا معه في مجمع الأسكندرية سنة 362، وأكد فيهما وجود نفس أو عقل بشرى في جسد المسيح غير اللوغوس الذي هو اللاهوت المتحد بالجسد. 
وظل أثناسيوس يكتب ويشرح ويرد على رسائل الذين يستشيرونه من كل كنائس المسكونة في أمور الإيمان ويحل المشاكل العملية المرتبطة بتثبيت الكنائس في مواجهة الآريوسيين، ويؤازر كل أسقف مضطهد وكانت رسائله ومشوراته ذات تقدير كبير عند كل أساقفة المسكونة. 
وتنيح القديس أثناسيوس يوم 7 بشنس سنة 19 للشهداء (2 مايو 373م) وله من العمر 77 عامًا. 
 كتاباته
أ ـ كتاباته الدفاعية والعقيدية: 
1 ـ ضد الوثنيين وتجسد الكلمة 
2 ـ المقالات ضد الآريوسيين 
3 ـ مقالة عن التجسد وضد الآريوسية وتتحدث عن لاهوت المسيح ولاهوت الروح القدس. ورد فيها عبارة “إله واحد في ثلاث أقانيم”. 
4 ـ كتابان عن “التجسد ضد أبوليناريوس” 
+ تجسد ربنا يسوع 
+ ظهور المسيح المحيي 
ولا يظهر فيهما اسم أبوليناريوس. بعض العلماء يعتبرهما كتبا بعد نياحة أثناسيوس (حوالى 380) ولذلك يعتبرونهما منحولين. 
ب ـ الكتابات العقيدية المنحولة: 
1 ـ المقالة الرابعة ضد الآريوسيين. معظمها ليست ضد الآريوسية بل ضد السابيلية وضد مارسيللوس
2 ـ عظة على الإيمان ـ بها مقتبسات من كتب أثناسيوس 
3 ـ بيان عن الإيمان: عبارة عن قانون إيمان عن الثالوث وتتفق مع أفكار أثناسيوس (موجود بالمجلد الرابع بالإنجليزية N.P.N.F ص 83-85) 
4 ـ تفسير لقانون الإيمان: 
يرجع بعض العلماء أنه لأحد خلفاء أثناسيوس (بطرس أو تيموثاوس) 
5 ـ حوار حول الثالوث وضد المقدونيين 
يرجع العلماء من تأليف ديديموس الضرير 
6 ـ قانون إيمان أثناسيوس 
من أصل غربى، ولم ينسبه احد لأثناسيوس قبل القرن السابع. 
7 ـ مجلد يحوى 12 كتاب عن الثالوث Pseudo – Athanasii De Trinite لمؤلفين مجهولين ويرجع العلماء أنه يعود إلى ما قبل 381. 
ج ـ كتاباته التاريخية الدفاعية
1 ـ الدفاع ضد الآريوسيين: موجود بالمجلد الرابع 97-147 N.P.N. Vol. 4, 
2 ـ دفاع إلى الامبراطور قنسطنطيوس: بالمجلد الرابع 4: 236-253 N.P.N. Vol. 
3 ـ دفاع عن هروبه: بالمجلد الرابع 4: 254-265 N.P.N. Vol. 
4 ـ تاريخ الآريوسيين: بالمجلد الرابع 4: 266-302 N.P.N. Vol. 
د ـ كتاباته التفسيرية: 
1 ـ ” الرسالة إلى مارسيلينوس على المزامير” 
2 ـ “تفسير المزامير”: غير الرسالة إلى مارسيلينوس وصلتنا أجزاء من هذا الكتاب في سلاسل التفسير Catenae كما وجدت أجزاء من شرح المزامير بالقبطية الصعيدية ونشرت بواسطة J. David سنة 1924. 
3 ـ “تفسير الجامعة ونشيد الأناشيد”: 
ذكره فوتيوس ويؤكد أنه لأثناسيوس من أسلوبه المماثل لكل كتاباته الأخرى. ولكن لم يحفظ منه سوى شذرات وجدت في سلاسل التفسير Catenae في 4 صفحات في Migne P.G 27 
4 ـ شذرات من تفسير التكوين والخروج: 
وجدت في سلسلة Catenae لنيسيفوروس شذرات على بعض آيات من سفر التكوين وعلى آية من سفر الخروج 4:28. كما وجدت شذرات في بعض سلاسل أخرى على سفر أيوب وعلى إنجيلى متى ولوقا وعلى رسالة كورنثوس الأولى. ويبدو أنها ليست بقايا تفسيرات مفقودة للأسفار المذكورة، ولكنها ربما تكون من بعض عظات له لم تصل إلينا. فلم يذكر أى مرجع آبائى قديم ان أثناسيوس كتب تفاسير على أى جزء من العهد الجديد. 
هـ كتاباته النسكية والروحية: 
أ ـ حياة القديس أنطونيوس: 
هذا الكتاب الذي ألفه القديس أثناسيوس باليونانية هو أهم وثيقة عن الرهبنة المبكرة فهو عن حياة أب الرهبنة المسيحية كلها الأنبا أنطونيوس. وغالبًا كتبه حوالى 357 بعد انتقال الأنبا انطونيوس 356 ووجهه إلى الرهبان الذين ـ حسبما يذكر في المقدمة ـ طلبوا أن يروى لهم كيف دخل أنطونيوس في الحياة النسكية وكيف مارسها وعن مدى صحة كل ما يقال عنه. في سنة 375 تُرجم “حياة أنطونيوس” إلى اللاتينية بواسطة إفاجريوس الانطاكى، فكان له تأثير كبير جدًا في دخول الحياة الرهبانية إلى الغرب. ويشهد القديس أغسطينوس في اعترافاته عن تأثيره الحاسم في توبته وتحوله إلى المسيحية، وكذلك على دخول كثيرين في طريق الرهبنة . 
وترجم أيضًا إلى اللغة السريانية في القرن السابع. (انظر كتاب الفردوس نشره Budge London 1904) وتوجد ترجمة بالقبطى الصعيدى (نشرها Garitte 1949)
الترجمة الإنجليزية صدرت في مجموعة آباء بعد نيقية المجلد الرابع N.P.N vol.4) وتوجد بعدها ترجمات إنجليزى أخرى. وكذلك ترجمات فرنسية وألمانية. ترجم هذا الكتاب إلى العربية القس مرقس داود سنة 1950 ونشرته جمعية أصدقاء الكتاب المقدس بالقاهرة. 
2 ـ على البتولية 
1 ـ يوجد كتاب صغير عن البتولية فيه توجيهات للعذراء المسيحية عن سلوكها وواجباتها اليومية، وفيه بعض صلوات جميلة وتوجد منه عدة مخطوطات. غير مؤكد تاريخ كتابته والبعض يشكون في صحة نسبته إلى أثناسيوس (Mign G28,251). 
2 ـ رسالة إلى العذارى بالقبطية نشرها ليفورت (Lefort) في 65 صفحة، واستخدمها القديس أمبروسيوس والأنبا شنودة رئيس المتوحدين. وليفورت يرى أن أثناسيوس هو كاتبها الحقيقى. 
3 ـ مقالة عن البتولية: موجودة بالسريانية مخطوط بالمتحف البريطانى (141. 607) وأيضًا باللاتينية وأصلها يونانى. والحديث موجه إلى عذراء تعيش في بيتها مع أهلها، وليس إلى راهبة أو راهبات في مجمع رهبنة. ويعتبر العذارى عرائس المسيح الذين وقعوا على عقد معه يدوم حتى الموت. 
4 ـ رسالة إلى العذارى اللواتى ذهبن إلى أورشليم للصلاة ثم رجعن: موجودة بالسريانية بنفس المخطوط السريانى السابق وبه حديث عن البتولية وقواعد مفصلة عنها، ويوصى بالسهر ضد إبليس، ويتحدث عن سلوك العذراء في الكنيسة، وعن الصبر والحديث النقى الهادئ، ويحذر من الشهوانية، ويدين الحياة المشتركة للنساك من الجنسين تحت سقف واحد. والأسلوب والأفكار تحمل طريقة القديس أثناسيوس في الكتابة: الوضوح، الدقة، والبساطة. 
5 ـ ووجد العالِم Lefort 3 مخطوطات أخرى بالقبطية عن البتولية من الدير الأبيض بسوهاج وهى موجودة بالمكتبة الأهلية بباريس، وآخرها نشرها Lefort سنة 1951م. 
6 ـ “مقال نسكى عن المرض والصحة”: وجدت في مخطوط بالفاتيكان رقم 2200 يعود إلى القرن الثامن أو التاسع. 
7 ـ أجزاء من مقالة نسكية طويلة بالقبطية نشرها Lefort 1955 واقتبس منها أنبا ويصا تلميذ الأنبا شنودة على أنها لأثناسيوس. وتتحدث عن الزواج وتربية الأولاد، ويوصى بالتسبيح بالمزامير كدواء للنفس. 
و ـ العظات: 
وصلتنا بعض عظات باليونانية والقبطية للقديس أثناسيوس: 
+ فهناك عظة “على الختان والسبت” وعظة على آلام الرب وصلبه باليونانية. 
+ 3 عظات بالقبطية اكتشفها “برومستر” سنة 1932 في مخطوط لقراءات أسبوع البصخة ونشرها مع ترجمة إنجليزية. 
+ عظة بالقبطية نشرها “برناردين” سنة 1937 مع ترجمة بالإنجليزية عنوانها “على آلام المسيح يسوع وعلى الخوف من موضع الدينونة” لقرائتها يوم الجمعة العظيمة، وبها اشارة لمساواة الابن للآب ضد الآريوسية. ومن نفس المخطوط القبطى نشر برناردين سنة 1940 ” مقاله عن لعازر الذي أقامه المسيح من الموت”. 
+ نشر Lefort أجزاء من مخطوط قبطى يرجع إلى سنة 600م بالمتحف المصرى بتورين وذلك سنة 1958. وتحوى أحاديث لأبينا القديس أثناسيوس بعد عودته من نفيه الثانى، وعناوينها: “على مريم العذراء والدة الإله التي ولدت الله”، “على أليصابات أم يوحنا” ويدحض آريوس في الحديثين، والحديث الثالث “على ميلاد ربنا يسوع المسيح” 
ى ـ الرسائل: 
وصلنا فقط قسم من رسائل أثناسيوس الكثيرة. معظم رسائله ليست شخصية وخصوصية بل تحوى قرارات رسمية وأحيانًا مقالات كاملة. ولهذا فهى في غاية الأهمية بالنسبة لتاريخ الصراع الآريوسى وتاريخ العقيدة المسيحية في القرن الرابع. 
أ ـ الرسائل الفصحية: 
+ أجزاء قليلة وصلتنا باليونانية 
+ وصلتنا 13 رسالة بالسريانية وهى لسنوات بين 329ـ348. 
+ نشر Lefort نص 17 رسالة فصحية بالقبطية سنة 1955. والرسالة الفصحية تحوى تحديدًا لبداية الصوم الأربعينى وبداية اسبوع البصخة وعيد القيامة. وكانت تذاع الرسالة بعد عيد الظهور الإلهى (الغطاس) بقليل … وبالإضافة إلى اعلان مواعيد الصوم والعيد، كانت الرسالة الفصحية تتناول أمورًا رعوية أو تعالج مسائل في الحياة المسيحية وحث على الصوم النقى وأعمال المحبة والتناول من الأسرار. 
ب ـ ثلاث رسائل مجمعية: 
1 ـ طومس الانطاكيين: 
وهى رسالة أرسلها إلى الانطاكيين باسم مجمع 362[1]
2 ـ رسالة إلى الامبراطور جوفيان عن الإيمان: 
بناء على طلبه ، كتبها أثناسيوس بتوصية من المجمع الأسكندرى الكبير المنعقد 363م. الرسالة موجودة بالإنجليزية في N.P.N vol. 4, p.567-568 
3 ـ رسالة إلى أساقفة افريقيا: 
كتبها أثناسيوس باسم 90 أسقفًا من مصر وليبيا اجتمعوا في مجمع بالأسكندرية سنة 369م، وفيها تحذير لأساقفة غرب افريقيا من البدعة الآريوسية ودفاع عن صيغة إيمان نيقية واصطلاح “الأوموأوسيوس”. والرسالة تؤكد أن قانون إيمان نيقية يعترف بألوهية الروح القدس[2]
ج ـ رسالتان عموميتان: 
1 ـ رسالة عمومية إلى الأساقفة في كل العالم: 
نداء لكل أساقفة الكننيسة الجامعة للتضامن مع أثناسيوس في مواجهة الأسقف الآريوسى غريغوريوس الذي اقتحم كنيسة الاسكندرية[3]
2 ـ رسالة عمومية إلى أساقفة مصر وليبيا: 
كتبها سنة 356 للتحذير من محاولة الهراطقة ادخال قانون إيمان آخر بدل قانون نيقيا[4]
د ـ الرسائل اللاهوتية الدفاعية: 
1 ـ الرسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون: 
أربع رسائل كتبها حوالى سنة 359 أثناء اختفائه بين الرهبان في الصحراء[5]. وبالإضافة إلى الرسائل عن الروح، وصلتنا رسالتان إلى سرابيون أيضًا، الأولى كتبها سنة 359 وهى ضد القائلين بأن الابن مخلوق. وقد ترجمها المرحوم صموئيل كامل والدكتور نصحى عبد الشهيد ونشرت سنة 1981 ضمن كتاب ” المسيح في رسائل القديس أثناسيوس” والذي أعيد طبعه سنة 2000. 
والثانية يروى فيها قصة موت آريوس كما سمعها وهى موجودة بالإنجليزية برقم رسالة 54 من رسائل لأثناسيوس بالمجلد السابق p.464-466 
2 ـ الرسالة إلى ابكتيتوس أسقف كورنثوس: 
كتبت سنة 369 ويرد فيها على آراء بعض الآريوسيون والأبوليناريين الذين كان لهم آراء خيالية عن التجسد. هذه الرسالة صارت لها شهرة كبيرة. واستند عليها ابيفانيوس في دحض بدعة أبوليناريوس. وعندما حاول النساطرة أن يزيفوها لخدمة رأيهم كشف القديس كيرلس عمود الدين النص الأصلى السليم الموجود بالأسكندرية، وأشار إليها في رسالته إلى يوحنا الأنطاكى (الرسالة رقم 39). 
والرسالة إلى ابكتيتوس تُرجمت ونشرت أيضًا ضمن كتاب المسيح في رسائل أثناسيوس سنة 1981
3 ـ الرسالة إلى أدلفيوس المعترف: 
كتبها سنة 370 للرد على اتهام الآريوسيين للأرثوذكس بأنهم باعترافهم بإيمان نيقية إنما يعبدون المخلوق ويرد أثناسيوس قائلاُ إن الكنيسة لا تعبد ناسوت المسيح منفصلاً عن اللاهوت بل تعبد الكلمة المتجسد وهى مثل الرسالتين السابقتين تُرجمت ونشرت سنة 1981 بنفس الكتاب المذكور وطبعها المركز ثانية سنة 2000م. 
4 ـ الرسالة إلى مكسيموس: 
يؤكد فيها أثناسيوس أن إيمان آباء نيقية هو الذي سيسود في النهاية. وقد كتب هذه الرسالة سنة 371 ضد الذين يجدفون على كلمة الله وبالتالى على الروح القدس. وهى موجودة بنفس المجلد الرابع p. 578-579 
5 ـ رسالة عن قانون إيمان مجمع نيقية: 
كتبها حوالى سنة 350 يدافع فيها عن قانون نيقية وخاصةً عن تعبير “من جوهر الآب”، وتعبير “مساو Omoousios في الجوهر” . ويبين أن هذه التعبيرات مستعملة في الكنيسة منذ فترة طويلة قبل عصره وأنها وردت عند أوريجانوس، وديونيسيوس الرومانى، وديونيسيوس الأسكندرى، وعند ثيؤغنسطوس. ويقتبس فقرات من كتاباتهمم لهذا الغرض. والرسالة موجودة في المجلد الرابع p. 150-172 
6 ـ رسالة عن مجمعى آريمينوم وسلوكيا: 
كتبها سنة 359 ويدافع فيها عن إيمان نيقية ضد أى قانون يحاول أن يضعه الآريوسيون في أى مجمع آخر، كما حاول في هذه الرسالة أن يوضح معانى كلمات “المساوى في الجوهر” و “المشابه في الجوهر” ويبين أن المهم هو المعنى وليس الألفاظ محاولاً بذلك أن يستعيد أنصاف الآريوسيين إلى الكنيسة بقبولهم الاعتراف بإيمان نيقية. 
الرسالة موجودة بالمجلد الرابع المذكور p.448-480 
7 ـ الرسالة إلى الرهبان: 
كتبها حوالى 358 يحذر فيها الرهبان من الذين ياتونهم متظاهرين بأنهم ليسوا آريوسيين وهكذا يخدعون البسطاء. والرسالة بالمجلد الرابع p. 564 
هـ رسائل نسكية: 
1 ـ رسالة إلى آمون الراهب: 
كتبها سنة 356 يتحدث فيها عن افرازات الجسد وتشكك ضمائر الرهبان ويقول إن أى افرازات تحدث بدون إرادة الإنسان فهى من الطبيعة وهى لا تنجس، أما ما ينجس فهو ارتكاب الخطية. ويتحدث فيها أيضًا عن “طريقين للحياة”: طريق عادى ومعتدل هو “طريق الزواج”، والثانى “ملائكى ولا يفوقه شئ أى البتولية”. والرسالة موجودة بالمجلد الرابع P. 556-557 
2 ـ الرسالة إلى دراكنتيوس: 
كتبها سنة 354 أو 355 يحضه فيها على قبوله الأسقفية بسبب شدة احتياج الكنيسة في ذلك الوقت والرسالة موجودة بنفس المجلد الرابع p. 557-560 
 التعليم اللاهوتى للقديس أثناسيوس
مقدمة
تاريخ العقيدة في القرن الرابع ـ كما ذكرنا ـ متطابق مع تاريخ حياة أثناسيوس. 
+ أعظم فضل للقديس أثناسيوس هو دفاعه عن الإيمان المسيحى المسلّم من المسيح ورسله القديسين في مواجهة خطر الفكر الهللينى الوثنى المختبى في هرطقة آريوس وتابعيه. فهو يستعمل صيغ الفكر اليونانى ومفاهيمه ولكنه يملأها بمحتوى من الكتب الموحى بها. فكل جهوده تهدف إلى التأكيد على ” تقليد الكنيسة الجامعة وتعليمها وإيمانها، الذي هو من البداية والذي أعطاه الرب وكرز به الرسل وحفظه الآباء” (الرسالة الأولى إلى سرابيون: 28).
وفي مواجهة ميول مقاوميه للاعتماد على العقل وحده يضع هو أولية الإيمان فوق العقل. فالعقل لا يمكن أن يكون الحكم في الأمور الفائقة للطبيعة. فالإنسان لا يستطيع بالعقل وحده أن يفحص حتى طبيعته البشرية ولا الأمور الأرضية فحصًا تامًا، فكم بالأولى لا يمكنه فحص الطبيعة الإلهية التي تفوق الادراك.
 وعندما يستخدم أثناسيوس الأساليب الفلسفية فهو يفعل ذلك لكى يكشف تعليم الكنيسة ويوضّحه وليس لكى يدخل إلى فحص الجوهر الإلهى باستعمال العقل البشرى. وهو يعرف أن يفصل بين الفكر اليونانى واعلانات الوحى المسيحى حينما يكون هناك خطر أن يتعرض حق الإنجيل للتعتيم أو التزييف. 
ولذلك فهو لم يدافع فقط عن مساواة الابن للآب في الجوهر بل نجح في شرح طبيعة الكلمة وولادته من الآب أكثر من كل اللاهوتيين الذين سبقوه.
 لقد وضع أثناسيوس أسسًا ثابتة للتعليم اللاهوتى لقرون طويلة بعده. وتعليمه وفر الأفكار الأساسية لعقيدة الكنيسة في الثالوث القدوس وفي عقيدتها عن المسيح (الخريستولوجيا). 
1 ـ الثالوث: 
يقول القديس أثناسيوس في رسالته الأولى إلى سرابيون: [ وإذن يوجد ثالوث قدوس وكامل، يعترف بلاهوته في الآب والابن والروح القدس، وليس له شئ غريب أو خارجى ممتزج به، ولا يتكون من خالق ومخلوق، ولكن الكل يبنى ويخلق، وهو مساو وغير منقسم في الطبيعة، وفعله واحد. فالآب بالكلمة في الروح القدس يعمل كل الأشياء، وهكذا تحفظ وحدة الثالوث القدوس سالمة. وهكذا يكرز بإله واحد في الكنيسة، " الذي على الكل وبالكل وفي الكل " (أف6:4).
 "على الكل" كآب وكبدء وكينبوع، "وبالكل" أى بالكلمة، "وفي الكل" أى في الروح القدس. هو ثالوث ليس فقط بالاسم وصيغة الكلام بل بالحق والوجود الفعلى .. لأنه كما أن الآب هو الكائن الذي يكون، هكذا أيضًا الكلمة هو الكائن والإله على الكل. والروح القدس ليس بدون وجود حقيقى. بل هو يوجد وله كيان فعلى. وليس بأقل من هؤلاء الثلاثة تعتقد الكنيسة الجامعة، لئلا تنزلق إلى أفكار اليهود المعاصرين الرديئة ـ الذين حسب قيافا ـ وإلى أفكار سابيليوس، كما أنها لا تعتقد بأكثر من ثلاثة، لئلا تتدحرج إلى تعدد الآلهة عند اليونانيين ][6]
والكلمات “الثالوث لا يتكون من خالق ومخلوق، بل الكل (أى كل الأقانيم) يبنى ويخلق”، توضح أن أثناسيوس لم يقبل الفكرة التي تقول إن الله احتاج إلى الكلمة كمساعد لخلق العالم كما يقول آريوس.
 فهو يدحض الرأى الآريوسى بأن الله إذ كان يريد أن يخلق العالم تصور أن الخليقة لا يمكنها أن تحتمل يد الله الثقيلة ولذلك (كما يرى آريوس) فإن الله خلق الكلمة أولاً لكى بواسطة الكلمة كمساعد، تُخلق كل المخلوقات الباقية، وهذا نجده في المقالة الثانية ضد الآريوسيين:
 [ لأنهم إن كانوا يؤكدون أن الله قد صنع الابن فقط بسبب تعبه من خلق كل الأشياء الأخرى، فإن كل الخليقة ستصرخ هازئة بهم باعتبار انهم يقولون أشياء غير لائقة بالله. أما إشعياء فقد كتب قائلاً: " الله الأبدى الذي صاغ أطراف الأرض لا يجوع ولا يكل". وليس هناك فحص لفهمه. أما إن كانوا يقولون إن الله يستنكف أن يخلق الأشياء الأخرى، لهذا فقد صنع الابن فقط، وسلم خلقة الأشياء الأخرى للابن كمساعد، فإن هذا يكون غير لائق بالله لأن ليس عند الله كبرياء.
 وهؤلاء يخجلهم الرب عندما يقول " أليس عصفوران يباعان بدرهم؟ وواحد منها لا يسقط على الأرض بدون إذن أبيكم" وهو الذي في السموات؟ ويقول أيضًا " لا تهتموا لحياتكم ماذا ستأكلون وماذا ستشربون. ولا لأجسادكم ماذا ستلبسون أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس. تأملوا طيور السماء. إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوى يقوتها. ألستم أنتم بالحرى أفضل منها؟ ومَن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ ولماذا تهتمون باللباس؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو، وهى لا تتعب ولا تغزل. ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدًا في الأتون، يلبسه الله هكذا، أفليس بالأحرى جدًا يلبسكم أنتم يا قليلى الإيمان ". 
فإن لم يكن من غير اللائق بالله أن يعتنى بأصغر الأشياء إلى هذه الدرجة، مثل شعرة الرأس والعصفور، وعشب الحقل فإنه لا يكون من غير اللائق أن يخلق هذه الأشياء … وهى نفسها التي يكون هو خالقها بكلمته الذاتى ][7]
فآريوس وضع الكلمة مع المخلوقات، والقديس أثناسيوس يعترف به أنه من جوهر الله، فالكلمة غير مخلوق بل هو مولود. آريوس أكد أن الابن خلقه الآب وأنه من صنع مشيئة الآب، وأثناسيوس دحض هذا الادعاء مشيرًا إلى حقيقة اسم “ابن” تعنى أنه مولود، وأن يكون مولودًا فهذا يعنى أنه ثمرة جوهر الآب وليس ناتجًا عن مشيئته. والولادة تخص الطبيعة ولا تخص المشيئة. ولذلك فلا يمكن أن يدعى الابن أنه مخلوق من الآب. بل الابن له ملء الألوهية مع الآب وهو إله حقًا[8]
ويكرر أثناسيوس استعمال النور المنبعث من الشمس ـ وهو مثال مألوف في مدرسة الأسكندرية ـ ليوضح أن الولادة في الله تختلف عن الولادة البشرية، ذلك لأن الله غير قابل للتقسيم إلى أجزاء:
 [ بل حيث أن الابن هو كلمة الآب وحكمته فإنه موجود دائمًا مع الآب، لأنه هو بهاؤه. لهذا فمن المستحيل عندما يعطى الآب نعمة أولاً يعطيها بالابن، لأن الابن موجود في الآب مثلما يوجد الشعاع في الضوء. وذلك ليس لأن الله معوز أو ضعيف، بل كآب "قد أسس الأرض بحكمته"، وصنع كل الأشياء بالكلمة المولودة منه، ويختم على المعمودية المقدسة بالابن. وحيث يكون الآب هناك يكون الابن أيضًا، كما أنه حيث يكون النور هناك أيضًا يكون الشعاع. وأى عمل يعمله الآب فإنه يعمله بالابن، ويقول الرب نفسه "ما رأى الآب يصنعه أصنعه أنا أيضًا". وهكذا أيضًا عندما تعطى المعمودية فإن مَن يعمده الآب يعمده الابن أيضًا، ومَن يعمده الابن فهذا يتم بالروح القدس. 
وأيضًا عندما تنير الشمس قد يقول شخص إن الشعاع ينير، وذلك لأن النور واحد ولا يمكن أن يتجزأ ولا أن ينفصل الشعاع عنه. وهكذا أيضًا حيث يكون الآب أو يسمى، هناك قطعًا يكون الابن، وحيث أن الآب يسمى في المعمودية فبالضرورة أن يسمى الابن أيضًا معه ][9]
وأيضًا [ لأن الابن هو في الآب بحسب ما يسمح لنا أن نعرف ـ لأن كل كيان الابن هو من جوهر الآب ذاته. كمثل الشعاع من النور، والنهر من الينبوع. حتى أن مَن يرى الابن يرى ما هو خاص بالآب، ويعرف أنه بسبب أن كيان الابن هو من الآب لذلك فهو في الآب. لأن الآب هو في الابن حيث أن الابن هو من الآب وخاص به مثلما أن الشعاع هو من الشمس والكلمة هى من العقل والنهر من الينبوع. ولذلك فإن مَن يرى الابن، ويرى ما هو خاص بجوهر الآب، يعرف أن الآب هو في الابن ][10]
ولهذا السبب فالابن أزلى مثل الآب. الآب والابن اثنان، ولكنهما هما نفس الإله، لأن لهما نفس الطبيعة:
 [ اذن فهما واحد، ولكن ليس مثل الشىء الواحد الذي يمكن أن ينقسم إلى جزئين، كما أنهما ليسا مثل الواحد الذي يسمى باسمين، فمرة يسمى الآب ومرة أخرى يسمى هو نفسه ابنه الذاتى، فهذا ما قال به سابيليوس وبسببه حكم عليه كهرطوقى. 
لكن هما اثنان لأن الآب هو الآب ولا يكون ابنًا أيضًا، والابن هو ابن ولا يكون أبًا أيضًا. لكن الطبيعة هى واحدة، لأن المولود لا يكون غير مشابه لوالده لأنه صورته، وكل ما هو للآب هو للابن (يو15:16)
ولهذا فالابن ليس إلهًا آخرًا، لأنه لم ينشأ من خارج (الآب) وإلاّ فسيكون هناك آلهة كثيرون لو أن إلهًا نشأ غريبًا عن ألوهية الآب. لأنه رغم أن الابن هو آخر غير الآب كمولود، إلاّ أنه كإله هو كالآب تمامًا. فهو والآب كلاهما واحد في الذات، وواحد في خصوصية الطبيعة، وفي وحدة الألوهية كما سبق أن قلنا حيث أن الشعاع هو النور وليس ثانيًا بعد الشمس، ولا هو نور آخر، ولا هو ناتج من المشاركة مع النور، بل هو مولود كلى وذاتى من النور ومثل هذا المولود هو بالضرورة نور واحد ولا يستطيع أحد أن يقول إنه يوجد نوران، فرغم أن الشمس والشعاع هما اثنان إلاّ أن نور الشمس الذي ينير بشعاعه كل الأشياء هو واحد. 
هكذا أيضًا لاهوت الابن هو لاهوت الآب ولهذا أيضًا فهو غير قابل للتجزئة، ولذا فإنه يوجد إله واحد وليس آخر سواه. وهكذا حيث أنهما واحد، والألوهية نفسهما واحدة فكل ما يقال عن الآب يقال هو نفسه عن الابن ما عدا أن كيانه يدعى الآب ][11]
كما أنه ليس هناك سوى ابن واحد للآب لذلك يسميه الإنجيل الابن الوحيد، والذي في حضن الآب والذي شهد له الآب “هذا هو ابنى الحبيب الذي به سررت” (مت17:3)[12]. ولذلك لا يوجد مجال لأى تفكير عن تابعية الابن للآب في الألوهية (Subordinationism) فعندما يقول المسيح “أبى أعظم منى” فهذا يعنى أن الآب هو الينبوع أو المصدر والابن مولود منه[13].
 فالابن مولود أزليًا من الآب أى أنه “من جوهر الآب” فهو من نفس جوهره (“أوموأوسيوس” Homoousios) أو مساو له في الجوهر، وكلا التعبيران “من جوهر الآب” و “مساو في الجوهر” استعملهما مجمع نيقية. وأثناسيوس يعتبرهما أساسين بصفة مطلقة، أما تعبير أوميواوسيوس (Omios) أى مشابه في الجوهر فهو يستبعده تمامًا[14].
 وهو يستعمل تعبير “الأومواوسيوس” ضد الآريوسيين وضد أنصاف الآريوسيين، رغم أنه كان يقدم بعض الاقتراحات للتوضيح بالنسبة للأخيرين ليرجعهم إلى إيمان نيقية . 
2 ـ الكلمة واالفداء: 
أساس تعليم القديس أثناسيوس عن اللوغوس = الكلمة ـ يكمن في تعليمه عن الفداء. ونجد في الجمل التالية أنموذج لتعليمه اللاهوتى [ لأن كلمة الله صار إنسانًا لكى يؤلهنا نحن، وأظهر نفسه في جسد لكى نحصل على معرفة الآب غير المنظور، واحتمل إهانة البشر لكى نرث نحن عدم الموت ][15].
 وأيضًا [ فلقد أدرك الكلمة جيدًا أنه لم يكن ممكنًا أن يُقضى على فساد البشرية بأى طريقة أخرى سوى الموت نيابة عن الجميع. ومن غير الممكن أن يموت الكلمة لأنه غير مائت بسبب أنه هو ابن الآب غير المائت.
 ولهذا اتخذ لنفسه جسدًا قابلاً للموت حتى إنه عندما يتحد هذا الجسد بالكلمة الذي هو فوق الجميع، يصبح جديرًا ليس فقط أن يموت نيابة عن الجميع، بل ويبقى في عدم فساد بسبب اتحاد الكلمة به. ومن ذلك الحين فصاعدًا يُمنع الفساد من أن يسرى في جميع البشر بنعمة القيامة من الأموات. لذلك قَدّم للموت ذلك الجسد الذي اتخذه لنفسه كتقدمة مقدسة وذبيحة خالية من كل عيب. وببذله لهذا الجسد كتقدمة مناسبة، فإنه رفع الموت فورًا عن جميع نظرائه البشر. 
ولأن كلمة الله هو فوق الجميع فقد كان لائقًا أن يقدم هيكله الخاص وأداته البشرية فدية (¢nt…yucon) عن حياة الجميع موفيًا دين الجميع بموته. وهكذا باتخاذه جسدًا مماثلاً لجسد جميع البشر وباتحاده بهم، فإن ابن الله عديم الفساد ألبس الجميع عدم الفساد بوعد القيامة من الأموات. ولم يعد الفساد الفعلى بالموت له أى سلطان على البشر بسبب الكلمة الذي جاء وسكن بينهم بواسطة جسده ][16]
وهكذا فالقديس أثناسيوس يستدل على ضرورة التجسد وموت المسيح من مشيئة الله الذي قصد أن يفدى الإنسان ويخلصه، فلو أن الله نفسه لم يصير إنسانًا ولو أن المسيح لم يكن إلهًا لما كنا قد افتدينا. فالكلمة باتخاذه الطبيعة البشرية ألّه البشر. فهو غلب الموت ليس لنفسه فقط بل لأجلنا جميعًا:
[ وهكذا إذ اتخذ جسدًا مماثلاً لطبيعة أجسادنا، وإذ كان الجميع خاضعين للموت والفساد، فقد بذل جسده للموت عوضًا عن الجميع، وقدّمه للآب. كل هذا فعله من أجل محبته للبشر أولاً: لكى إذ كان الجميع قد ماتوا فيه، فإنه يبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد استنفذ في جسد الرب، فلا يعود للموت سلطان على أجساد البشر (المماثلة لجسد الرب). ثانيًا: وأيضًا فإن البشر الذين رجعوا إلى الفساد بالمعصية يعيدهم إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بالجسد الذي جعله جسده الخاص، وبنعمة القيامة يبيد الموت منهم كما تُبيد النار القش ][17]
فلو أن المسيح ليس إلهًا بالطبيعة وليس بالمشاركة، لما استطاع أن يصوّر مشابهة الله في أى واحد. لأن مَن لا يملك شيئًا سوى ما استعاره من غيره، لا يستطيع أن يعطى أى شئ للآخرين[18]
3 ـ تعليمه الخريستولوجى (عن شخص المسيح)
بالاضافة إلى اهتمام القديس أثناسيوس بشرح علاقة الابن بالآب فإنه أيضًا اهتم بالاجابة على أسئلة تختص بشخص المسيح وطبيعته. فهو يميز بين اللاهوت والناسوت كما أنه يؤكد وحدة شخص المسيح. وهذا نجده في رسالته عن تعليم ديونيسيوس الأسكندرى أسقف الأسكندرية الـ14، حيث يقول القديس أثناسيوس
 [ … الكلمات المستعملة لاهوت الكلمة الذي تجسد من العذراء وكذلك المستعملة عن صيرورته إنسانًا إنما تشير إلى شخص واحد … فالذي يكتب عن الصفات الإنسانية للكلمة يعرف أيضًا ما يخص ألوهيته، والذي يشرح عن ألوهيته لا يجهل ما يخص مجيئه في الجسد، ولكنه يميز بين الاثنين بمهارة ويسير في طريق التقوى المستقيم، ولذلك فحينما يتحدث عن بكائه، يعرف أن الرب إذ قد صار إنسانًا أظهر بشريته بالبكاء، وفي نفس الوقت فهو كإله أقام لعازر من الموت، ويعرف أنه كان يجوع يعطش طبيعيًا (أى إنسانيًا) ولكنه "أطعم آلاف الأشخاص من 5 خبزات، ويعرف أنه بينما كان يوجد جسد بشرى في القبر، فإن هذا الجسد أقيم كجسد الله بقوة الكلمة نفسه ][19]
4 ـ الروح القدس: 
تعليم أثناسيوس هو أن الروح القدس هو إله حقيقى مثل الآب والابن ومن نفس جوهر الآب مثل الابن. ويقول إنه يلزم أن يكون الروح القدس إلهًا حقيقيًا لأنه لو كان مخلوقًا لما أمكن أن يصير لنا شركة في الله بواسطته. وهذه الفكرة تتكرر في رسائله إلى سرابيون عن الروح القدس [ واذن فإن ذلك الذي لا يتقدس بواسطة آخر، ولا يأخذ القداسة، بل هو نفسه الذي يُشترك فيه، والذي فيه تتقدس كل المخلوقات، فكيف يمكن أن يكون واحدًا من بين الكل، أو يكون من خاصة أولئك الذين يشتركون فيه؟ ][20].
 [ ولكن إن كنا بالاشتراك في الروح نصير "شركاء الطبيعـة الإلهية" (2بط4:1)، فإنه يكون من الجنون أن نقول إن الروح من طبيعة المخلوقات وليس من طبيعة الله. وعلى هذا الأساس فإن الذين هم فيه، يتألهون. وإن كان هو يؤله البشر، فلا ينبغى أن يشك أن طبيعته هى طبيعة إلهية ][21]
الروح القدس من الثالوث، وحيث أن الثالوث لا يوجد فيه اختلاف فالروح ليس مخلوقًا بل هو إله حق:
 [ وهكذا يكون من الخبل أن ندعو الروح مخلوقًا، لأنه لو كان مخلوقًا لما كان من الممكن أن يحسب مع الثالوث القدوس لأن كل الثالوث هو إله واحد. ويكفى لنا أن نعرف أن الروح ليس مخلوقًا ولا يحسب ضمن المخلوقات لأن الثالوث لا يختلط به أى شئ غريب، وهو غير قابل للتقسيم وهو متماثل مع ذاته ][22]
والروح مثل الابن من نفس جوهر الآب (o moousios) (مساو في الجوهر) [وأيضًا فالروح القدس واحد أما المخلوقات فكثيرة، فالملائكة "ألوف ألوف وربوات ربوات" (دا10:7).
 وتوجد أنوار كثيرة (انظر تك14:1)، وعروش وسيادات وسموات وشاروبيم وسيرافيم ورؤساء ملائكة كثيرة. وباختصار فالمخلوقات ليست واحدًا، ولكنها كلها معًا هى كثيرة ومتنوعة. فإن كان الروح القدس واحدًا والمخلوقات كثيرة، والملائكة كثيرون، فأى شبه بين الروح وبين المخلوقات؟ واذن يتضح أن الروح ليس واحدًا بين الكثيرين وليس هو ملاكًا. ولكن لأنه واحد، وبالأكثر لأنه خاص بالكلمة الذي هو واحد وخاص بالله الذي هو واحد فهو من نفس الجوهر (أوموأوسيوس).
 هذه الأقوال عن الروح القدس ـ هى وحدها في ذاتها ـ توضح أنه لا يوجد شئ مشترك أو خاص بينه وبين المخلوقات في الطبيعة وفي الجوهر، وأنه مختلف عن الأشياء المخلوقة، وهو خاص بلاهوت الابن وجوهره وليس غريبًا عنه، ومن أجل هذا فهو من الثالوث القدوس ][23]
الروح ينبثق من الآب ويرسله الابن:
 [ لأنه كما أن الابن هو وليد وحيد هكذا أيضًا الروح ـ إذ هو معطى ومرسل من الابن ـ هو نفسه واحد وليس كثيرين، وليس واحدًا من كثيرين، بل هو نفسه وحيد. إذن، كما أن الابن ـ الكلمة الحى ـ هو واحد، هكذا فإن القوة الحيوية والعطية التي بها يقدس ويضيئ، ينبغى أن تكون واحدة كاملة وتامة، وهى التي يقال عنها أنها تنبثق من الآب، لأنها من الكلمة، الذي يعترف أنه من الآب، وهى التي تشرق وترسل وتُعطى. فالابن يُرسل من الآب، لأنه يقول: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو16:3). والابن يرسل الروح فهو يقول: " إن ذهبت ارسل المعزى" (يو7:16)][24]
5 ـ المعمودية: 
الإيمان الذي على أساسه تعطى المعمودية هو الذي يجعلها صحيحة. فالإيمان يلزم أن يكون بألوهية الابن والروح وأنهما من نفس جوهر الآب وإلاّ تكون المعمودية باطلة وليس مجرد ذكر الأقانيم بالاسم. [ لأنه كما أن الإيمان بالثالوث ـ المسلّم إلينا ـ يجعلنا متحدين بالله، وكما أن ذلك الذي يستبعد أى واحد من الثالوث، ويعتمد باسم الآب وحده أو باسم الابن وحده، أو باسم الآب والابن بدون الروح القدس، لا ينال شيئًا، بل يظل غير فعال وغير مكتمل، هو نفسه وذلك الذي يفترض أنه ضمه، لأن طقس الاكتمال هو بالثالوث، هكذا ذلك الذي يفصل الابن عن الآب، أو من ينزل الروح إلى مستوى المخلوقات، فليس له الآب ولا الابن بل هو بدون إله، وهو أشر من غير المؤمن، ويمكن أن يكون أى شئ. إلاّ أن يكون مسيحيًا ][25]
6 ـ الافخارستيا: 
في عظة للقديس أثناسيوس: “إلى المعمدين حديثًا” Mign. G. 26 1325 
يقول القديس أثناسيوس: [ أنت سترى الكهنة يحضرون الخبزات وكأس الخمر ويضعونها على المائدة. وطالما أن الاستدعاء والصلوات لم تبدأ، فيكون هناك خبز وخمر فقط. ولكن بعد أن تصلى الصلوات العظيمة والعجيبة، فحينئذٍ يصير الخبز جسد ربنا يسوع والخمر يصير دمه. هيا بنا إلى الاحتفال بالأسرار، وبالصلوات ينزل الكلمة إلى الخبز والخمر فيصيران جسد الكلمة ودمه. 
وأيضًا في الرسالة الرابعة إلى سرابيون فصل 19 يتحدث القديس أثناسيوس عن اعطاء جسده ودمه كطعام روحى، ليس بمعنى أن الافخارستيا هى مجرد رمز للجسد والدم، كما فهم بعض النقاد.
 ولكن القديس أثناسيوس يوضح أن عبارة الطعام الروحى يقصد بها أن الرب سيعطى جسده ودمه للرسل بطريقة روحية كعربون للقيامة للحياة الأبدية إذ يقـول:
 [ ولنسأل كم عدد البشر الذين يمكن أن يقدم لهم جسده المادى؟ وماذا عنه كغذاء للعالم كله؟ لهذا السبب تحدث عن صعود ابن الإنسان إلى السماء لكى يبعد عن أفكارهم كل التصورات المادية عن جسده، ولكى يفهموا جيدًا بدون أى تصورات مادية أن جسده الذي يتكلم عنه هو طعام سمائى يأتى من فوق كغذاء روحى يعطيه هو بنفسه. وحقًا قال "الكلام الذي أكلمكم به روح وحياة" (يو63:6). أى أن ما أعلنه، وما سيعطيه لخلاص العالم هو جسده، ولكن هذا الجسد عينه بما فيه من دم سوف يعطى لكم بواسطتى روحيًا وكطعام وبطريقة روحية سوف يوزع على كل واحد منكم لكى يصبح عربون القيامة والحياة الأبدية ][26]



عن المركز الارثوذوكسى للدراسات الابائية بالقاهرة 
patristiccairo.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر الحديث عن هذا المجمع في الفترة رقم (5) من أسقفية أثناسيوس. موجودة بالإنجليزية بالمجلد N.P.N. vol. 4,483-486 
[2] الرسالة موجودة في N.P.N. vol. 4 p. 488-494 
[3] الرسالة كتبت سنة 339 موجودة بالإنجليزية N.P.N. vol.4 p. 91-96. 
[4] موجودة بالإنجليزية4, 222-235 .N.P.N. Vol 
[5] ترجمت إلى العربية (القس مرقس داود في السبعينيات) (ترجمة المركز عن اليونانية 1994). 
[6] إلى سرابيون 28:1 ص 82، 83 الترجمة العربية، اصدار المركز 1994. 
[7] ضد الآريوسيين25:2 ص 44ـ45، الطبعة الثانية، الترجمة العربية. 
[8] انظر ضد الآريوسيين 16:1، 6:3 الترجمة العربية. 
[9] ضد الآريوسيين 41:2 ص66، الترجمة العربية. 
[10] انظر ضد الآريوسيين 3:3 ص13ـ14، الترجمة العربية. 
[11] انظر ضد الآريوسيين 4:3 ص14ـ15، الترجمة العربية. 
[12] انظر De. Decr.11 vol III N.P.N. p.157 
[13] ضد الآريوسيين 3:3، 4 ص13ـ15 الترجمة العربية. 
[14] انظر De syn.41 vol III N.P.N. p472 
[15] انظر تجسد الكلمة 3:54، ص159ـ160 ترجمة المركز. 
[16] تجسد الكلمة 1:9، 2 ترجمة المركز ص23ـ24. 
[17] تجسد الكلمة 4:8 ترجمة المركز ص 22. 
[18] انظر N.P.N. vol II, p.77 De Synod. 51 
[19] De Sent. Dion. 9, N.P.N vol III p.179. 
[20] الرسائل إلى سرابيون 23:1، ص73 ترجمة المركز. 
[21] الرسائل إلى سرابيون 24:1، ص75 ترجمة المركز. 
[22] الرسائل إلى سرابيون 17:1، ص61ـ62، ترجمة المركز. 
[23] الرسائل إلى سرابيون 27:1، ص81ـ82، ترجمة المركز. 
[24] الرسائل إلى سرابيون 20:1، ص69ـ70، ترجمة المركز. 
[25] الرسائل إلى سرابيون 30:1، ص85ـ86، ترجمة المركز. 
[26] الرسائل إلى سرابيون 19:4، ص147ـ148، ترجمة المركز.